كلمة غبطة القس معن بيطار - رئيس السنودس الإنجيلي الوطني في سوريا ولبنان

في الجلسة العلمية الاولى من مهرجان النجمة المحمدية الولائي القافي السادس عشر

أحييكم بأجمل تحية تقع في أذن سامع وعارف ومؤمن. فهل من تحية أجمل من السلام عليكم  وسلام لكم  وسلام الله فيكم  وعندما تحدث شاعرنا قبل قليل تنازعتني مشاعر جميلة كادت تجعلني أحول كلامي  إلى شعر أو إلى حديث  تخرج كلماته من القلب لتخدم الشعار والقضية التي في عنوان المهرجان .

ولكن أيها الأحباء لما كانت مشاركتي اليوم للمساهمة العلمية وليست الشعرية وجب أن أعطي للجلسة طبيعتها. لذلك ونحن نتأمل بدور المراة الثقافي والسياسي والقيادي في منهجية السيدة زينب, تستوقفنا قضية العظمة. فمن يكن له دور قيادي في الثقافة و السياسة لا يكن انسانا عادياً  لأن مثل هؤلاء يصنعون تاريخ المجتمعات أخلاقاً وقيماً ورفعةً وكرامة. والسيدة زينب من هؤلاء العظماء والتي لا نحيي ذكرى أمثالها بالكلام عنهم وعن دورهم في زمنهم, بل نحيي ذكراها عندما نتعلم منها ونجسد في أيامنا عناصر عظمتها كلٌ حسب موقعه وإمكانياته وظروفه. فالأم في البيت  مهما كانت بسيطة والأب هما كان طيباً.. والإنسان في مجتمعه، في عائلته، في محيط أقاربه، في وظيفته،  أينما وجد، في كل مكان للإنسان الإنسان  دور يتعلمه من أمثال السيدة زينب.. كما أن الإنسان الشيطان له دور أيضا ولكن ليس هو الدور الذي نحن في أثره ..

سأعود للعنوان : دور المرأة الثقافي والسياسي والقيادي في منهجية السيدة زينب.

أولاً: الدور الثقافي.

إن دور السيدة زينب الثقافي الذي نريد أن نعممه ليكون دوراً قد تضطلع به نساؤنا وبناتنا، و حتى تضطلع المرأة العربية مسيحية ومسلمة يجب أن يتم التعرف عليه في جوهره. ولما كان أساس دورها  الثقافي، أنها ابنة بيت ثقافي. علمنا ذلك كم هو مهم ثقافة الأسرة وقيمة ثقافتها في حياة المترعرعين في كنفها.

إذاَ يادكتور عصام: لايمكن أن تصنع للمرأة دوراً ثقافياً مالم تكن المرأة قد عاشت في بيئة ثقافية، وهذا هو أول مبدأ علمي بسيط للدور الثقافي الحقيقي الذي يمكن أن يضطلع به هذا الشاب أو هذه الفتاة, هذا الرجل أو هذه المرأة, في هذه البيئة أو تلك ..

ولذلك أقول: كيف لا تكوني أيتها  السيدة زينب في ثقافتك عظيمة وقد عشت مع سيد في البلاغة والفصاحة والعلم والمعرفة والإيمان والفكر.. كيف لا وأنت عشت خمساً وثلاثين سنة مرافقة لهذا الإنسان العبقري إمام الأئمة علي بن أبي طالب. إذاً بيئة السيدة زينب الثقافية والإيمانية أساس عظمتها.

إن كنا نريد أن نكرم السيدة زينب في مهرجان كهذا ونحيي ذكراها يجب أن نفتح الفرصة لبناتنا وزوجاتنا وأخواتنا أن يعشن في هذه البيئة الثقافية مع الرجل ويحاورنه ويحدثنه، ولا يختفين عندما يظهر الرجال.

 ثانياً:الدور السياسي.

هناك أدوار سياسية سلبية وسيئة. ولكن الدور السياسي الذي يضطلع به الانسان المُنَشأ في بيئة ثقافية كالتي ذكرنا ولا شك إنه دور لابد مميز.

وإذ نعلم أن أغلب أبناء شعبنا رجالاً ونساءً آخر ما يشدهم الشؤون السياسية، لأنهم منشغلون بأمور الحياة التافهة في كثير من الأحيان والتي تبعدهم عن التفكير في تطوير المجتمع وتقدمه وبناء حضارته ونعلم أيضاً أن السياسيين المتسلطين يريدونهم كذلك فإننا نجد كم هو مهم وجود أمثال السيدة زينب كمحرك وباعث للنهضة والثورة عبر دفع الناس للإهتمام بالشؤون السياسية والتي هي في نهايتها عدالة وكرامة وحرية للفرد والمجتمع.

هذا ما فهمته السيدة زينب عن السياسة مما حركها لتقوم بذاك الدور التشجيعي والمحمس لإنخراط الناس المثقفين في الدفاع عن رسالة جدها وأهل بيتها من أي فساد أو انحراف مارسته السياسة بحق تلك الرسالة فكان دورها السياسي فيه تحد للمسيرة السياسية المعاكسة لكل ذلك0

فما يجب أن نتعلمه من مسيرة السيدة زينب السياسية أن أبناءنا يجب أن يكون لهم دور سياسي يتمثل في تحديهم لكل ما هو سائد مما لا يحقق القيم الانسانية و الروحية التي تبني المجتمع الأفضل و الأمنع.

ثالثاً: الدور القيادي.

إن الجانب القيادي في شخصية السيدة زينب أمر بحد ذاته يحتاج إلى بحث مستقل. ولضيق الوقت, أذكر الجانب الوراثي للأمر  فقط .

إن قضية الشخصية القيادية قضية جدلية بين المكتسب و الموروث. وأنا أرى أن الموروث و المكتسب يتكاملان. فالسيدة زينب بالموروث الذي لديها من صبغيات أب قائد وأم مميزة مع المكتسب من أسرة جد عظيم كان لها أن حصلت على الميزة القيادية في شخصيتها الوراثية. وأرجو بهذا الكلام ألا أزعج من يتنطحون للقيادة و ليس في وراثتهم شيء منها لأن الأمر الوراثي في قضية القيادة أمر مهم و أساسي. فمن لا يوجد لديه هذه الصفة قد يكون عالة على القيادة الفذة والتاريخية ذات الدور الفعال المغير لمسار المجتمعات و التاريخ.

 

في الختام: أقول مذكراً بعضكم بما قلته عن هذه السيدة في أول لقاء لي معكم منذ حوالي خمس سنوات أنها دخلت مكتبة العظماء في عقلي. 

و عندما قلت أني أشعر بها في رؤيا العقل أنها من سلالة راقية و تمنيت لو تدرك عظمة رقي هذه السلالة الثقافية و لاقيتها بمريمنا استهجن البعض و استغرب البعض الاخر                           (كيف تساوي بين اثنتين لايمكن المقارنة بينهما ؟)

أعود اليوم وأقول: في سلالة هذه الإمرأة العظيمة شيء يقترب كثيراً من روح المسيحية في مسيحها

و أختم بدعوتي التالية :

.. اجمعوا أيها المسلمون سلالة راقية كهذه مع حكمة وسياسة متقدمة في الإدارة والحرب والعلم العسكري و التقدم الذي كان في الإسلام في زمنه الأول فسيكون لإسلامنا مستقبل مختلف عما هو عليه اليوم ... وشكرا.