معهد حلف فضول عالمي

كلمة:

الأستاذ الدكتور جورج جبور

في مهرجان النجمة المحمدية الثقافي السابع عشر تحت شعار

ثقافة أهل البيت u في عاصمة الثقافة العربية

المركز الثقافي العربي، المزة،10-11/ 5/ 2008م

أيها الاخوة الكرام:

للصديق العزيز الدكتور عصام عباس تحية شكر لدعوتي مجدداً إلى التحدث في هذا المهرجان الوارف. وله معها تحية إعجاب لمثابرة لها شأنها في ترسيخ قيم إسلامية، وهي قيم المسيحية، وهي قيم الإنسان.

وللأخ الكريم الدكتور رياض نعسان آغا، وزير الثقافة، تحية شكر لرعاية المهرجان. وله معها تحية تقدير لاهتمامه بمشروع حفاوةٍ بحلف الفضول، سألني وضعه خلال حديث معه في مكتبه يوم 7/4/2008، ومن المنتظر أن يتم تنفيذه ضمن موسم معرض الكتاب السنوي الذي تقيمه مكتبة الأسد بعد بضعة أشهر. وأذكر هنا أن أدبيات الأمم المتحدة ذكرت – هذا العام ولأول مرة في تاريخها – ذكرت حلف الفضول مرجعية في حقوق الإنسان. وعلى كل معني بتراث العرب والمسلمين أن يفتخر بهذا الإنجاز العالمي، وأن يحتفي به، وأن يعمل على تعميقه.

في كلمتي اليوم، ونحن والعالم نهتم بالذكرى الستين لحدثين مفصليين في حياتنا: ذكرى النكبة، وذكرى صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في كلمتي اليوم أحب أن أقف – باختصار والأمر يستحق المطولات – عند نقاط أربع كما يلي:

1ً- ما مفهوم أهل البيت ؟

2ً- ما ثقافة أهل البيت ؟

3ً- ما مكان ثقافة أهل البيت في عاصمة الثقافة العربية ؟

4ً- ما مدى قدرتنا على احترام الإنسان من خلال مبدأي التناظر في الخلق وإقامة العدل؟

وعندي، في النقطة الأولى، أن مفهوم أهل البيت لا يقتصر على من هم من ذرية الرسول العربي الكريم وابنته الزهراء والإمام أمير المؤمنين الذين طهرهم الله تطهيراً. سليمان منهم. ومنهم – عندي – كل إنسانٍ وفيٍّ لإنسانيته، إذ لا يصح أن يستثنى من أهل البيت أي ملتزم بالقيم الإنسانية العليا. كل من كان على خلق قويم هو، عندي، سيد من سادة أهل البيت.

أما ثقافة أهل البيت، وهذه هي النقطة  الثانية، فهي المشاركة في الالتزام بالقيم الانسانية العليا التي جاء بها القرآن الكريم وجاءت بها السنة النبوية الشريفة، وجمعها – أي القيم _ الشريف الرضي في نهج البلاغة. وكلها قيم منسجمة مع المسيحية ومع ما أوحى الله به إلى موسى والنبيين. وهي ذاتها القيم التي استنبطها من تراثنا ومن تراث الانسانية صائغو الاعلان العالمي لحقوق الانسان وما تبعه من وثائق يعلو شأنها يوماً بعد يوم، وكأنها تأتي إعمالاً للآية الكريمة: "ولقد كرمنا بني آدم".

آتي إلى النقطة الثالثة وهي مكان ثقافة آهل البيت في عاصمة الثقافة العربية. في دمشق مكان جغرافي لثقافة أهل البيت. مقاما السيدتين زينب ورقية يخصان هذا المكان الجغرافي. في دمشق أيضاً مكان معنوي لثقافة أهل البيت. في دمشق كانت ثورة غيلان الدمشقي ونداؤه بشأن متاع الظلمة. وقبله كانت إشراقة الحقيقة على شاؤول الذي أصبح بولص فنشر من دمشق دين المحبة. وبعده كان الفارابي ومدينته الفاضلة. في دمشق حشد من الذين اعتمدوا ثقافة أهل البيت في مختلف العصور. أليس أن دمشق، كما قال الرئيس بشار الأسد، "تأخذ خيوط النور من أي شمس كانت، ثم تغزلها في نولها الخاص، لتعيدها إلى العالم بساطاً دمشقياً مزركشاً بقيم التسامح والإخاء والمحبة"؟. وفي دمشق الآن جذوة ثقافة أهل البيت وجوهرها التمسك بالحق. تفصلنا أيام عن ذكرى النكبة الكبرى، نكبة فلسطين، بل نكبة الإنسانية في فلسطين. فلتكن وقفتنا اليوم تحية لمبدأي التناظر في الخلق وإقامة العدل.

وأختم بالنقطة الرابعة، وقد صغتها متسائلاً عن مدى قدرتنا على احترام الإنسان من خلال مبدأي التناظر في الخلق وإقامة العدل. شعار الأمم المتحدة في عامنا هذا، عام الذكرى الستين لصدور الإعلان العالمي هو كما يلي: "الكرامة والعدالة لنا جميعاً". كل إنسان في هذا العالم إنما هو – كما علمنا الإمام أمير المؤمنين كرم الله وجهه – نظير لك في الخلق. فلا تكن عليه سبعاً ضارياً بل احفظ كرامته. وكن مع كل مظلوم سواء كان من مكة أو ممن دخلها من سائر الناس، أي أقم العدالة. هلّلا تعهدنا إذن معهداً لثقافة أهل البيت، معهداً للكرامة وللعدل، في عاصمة الثقافة العربية، تمتد جذوره من مكة حلف الفضول، وتنتشر فروعه على هيئة حلف فضول عالمي هو مثابة تحفظ كرامة بني آدم جميعاً وتقيم بينهم العدل؟

ومرة ثانية أوجه التحية إلى منظم هذا المهرجان وإلى راعيه، وإليكم أيها الإخوة الكرام. والسلام عليكم و لكم ولكل بني الإنسان.