كلمة  الباحثة  الأستاذة أسماء محمود كفتارو - رئيسة منتدى السوريات الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد واله وصحبه أجمعين وأخويه موسى وعيسى وال كل وصحب كل ..

والصلاة والسلام على السيدة الطاهرة الحوراء زينب التي جمعتنا في هذا الصباح

في البداية : أحب أن اشكر من جعل لي حصة في هذا الشرف العظيم الدكتور عصام عباس على أن كرمني بان ابحث في كتب التاريخ عن هذه السيدة العظيمة ، ولقد كنت قد سبقني شرف من خلال إدارة هذا المركز الثقافي وطلب مني أن أتكلم عن علم من أعلام دمشق فكنت قد تكلمت عن السيدة سكينة بنت الحسين بنت أخ السيدة الطاهرة زينب رضوان الله عنهم أجمعين

وأحب أيضا عندما قرأت النجمة المحمدية أن اشكر من سمى هذا الاسم :

فالنجمة هي النبراس

فقد جعلوها نبراسا للمرأة المسلمة وأتمنى من خلال ما تكلم سماحة الشيخ حسن التبريزي الذي مهد لي ما أردت أن أتكلم عنه عن شخصية زينب رضوان الله عليها .. فقد بدأ بسؤال  : هل تقبلون لو كانت زينب (زينب اليوم) أن تكون مرجعا لكم ؟؟ سؤال واضح ..  اشكره من كل قلبي ..

فقد تكلم الجميع عن السيدة زينب بعدة آراء وعدة دراسات بل وعدة أفكار ولكن ما طلب سماحة الشيخ حسن التبريزي هو دراسة وتدريس شخصية هذه المرأة العظيمة في المناهج التربوية ، ولو ان قليل ما ذكر في كتب التاريخ عن هؤلاء النسوة اللاتي يجب ان يكن نبراسا للمرأة المسلمة في يومنا هذا ..

عنوان كلمتي زينب بنت علي الأم التي علمتنا الكفاح

زينب إنها الأم التي علمتنا الكفاح، وجعلت حياتنا نهجا َورسالة.

حينما جاؤوا بها من كربلاء         حسبوها أنها ماء وطين

عميت أبصارهم ما شاهدوا         في حناياها يقين العارفين 

لماذا نحتفل بالسيدة الطاهرة زينب؟

قد لا يكون من عادتنا هنا في الشام إحياء موالد أبطالنا في التاريخ، فنحن مثلاً لا نعرف مولد إبراهيم ولا موسى ، ولا نقيم في أيامهم العظيمة احتفالات ميلاد، وكذلك فنحن لا نعرف مولد أبي بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي عليهم جميعاً رضوان الله، بل إن المولد النبوي نفسه لم نلتزم إحياءه إلا بعد عصر النبوة بأكثر من خمسة قرون، ولكن لماذا نحتفل اليوم بمولد العقيلة الطاهرة زينب؟

لست مضطرة أن أنبش في صحائف التاريخ لأذكر أيامها العظيمة ، ويكفي يوم مولدها العظيم فخراً أنه جمعنا هنا وعلمنا أننا أمة واحدة، وها نحن هنا من مذاهب الإسلام جميعاً نلتقي عند أهل بيت النبوة وعند سيدات بيت النبوة. ومن أديان عدة جميعا نلتقي في طيف واحد وفي نغم واحد لنحتفل بتلك الطاهرة زينب بنت علي رضي الله عنها .

 لم يكن لهذا اللقاء الكبير أن يأخذ دوره ومنزلته لولا الروح الطاهرة التي كانت السيدة زينب تحملها في الإخاء والمحبة وهي الروح التي نلتقي عليها اليوم.

لماذا نحتفل بالسيدة الطاهرة زينب؟

يمكن الجواب على هذا السؤال من زوايا متعددة، ولكنني أختار جواب التاريخ، هنا في الشام رقد صالحون كثير، ورقد حكام وسياسيون وعلماء وأغنياء ومشاهير، ولكن أهل الشام خلدوا في ضمائرهم ذكرى زينب كما لم يخلدوا أحداً آخر، ولا أعتقد أن أحداً يستطيع أن يحكم أفضل من حكم الدهر والتاريخ، الذي قال كلمته في حق السيدة الكبيرة  زينب ، وهو يقدمها للعالم أماً للبطولة والفداء..

بالنسبة لي كامرأة فإن زينب لم تكن أبداً مجرد ذكرى من الحاضر أو الآتي، زينب كانت حكاية مجد موصول أعطت للعالم والناس صورة المرأة كما يريدها الإسلام.

فمع أنها جاءت أو جيء بها من كربلاء بعد مأساة دامية عنيفة، كانت فيها السيدة الطاهرة تعاني من الظلم والأذى والشر، وكان ما لقيته في رحلة الآلام كفيلاً أن يجعل منها شبحاً محطماً يائساً لا يستطيع أي وجه من المقاومة أو المشاركة في الحياة، ولكنها في الواقع وقفت بإرادة عظيمة أمام الجبارين القساة تخبرهم بأن الحياة مستمرة لا تنتهي كما يريد الظالم، وأن الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، وأن العاقبة للمتقين.

بعد كل الآلام التي كابدتها وقفت في وجه يزيد، وبعد أن شفى غليله بالبطش بالحسين وأ÷ل بيته وقفت أمامه بثقة ويقين وقالت له:

لا والله ما فريت إلا جلدك، ولا حززْتَ إلا لحمك، ولتقدمنَّ على رسول الله بما تحملت من دماء ذريته ، حيث يجمع الله شملهم، ويلم شعثهم، يأخذ بحقهم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون) .

وحسبك بالله حاكماً، وبمحمد خصيماً، وبجبرائيل ظهيراً، بئس للظالمين بدلاً وأيكم شر مكاناً، واضعف جنداً.

فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوا لله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، وهل رأيك إلا فَنَد وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين.

هذه هي المرأة المسلمة  ، فإنها أعطت رسالة المرأة المسلمة بان تكون حرة  مثلها أمثال الرجال كما قال سماحة الشيخ التبريزي " إن السيدة زينب مئة رجل"  ..  فانا يكفيني بهذا الزمان أن أكون برجل واحد .

من موقعي كامرأة فأنا أرى في زينب صورة مجد آخر، فهي التي علمت النساء كيف تملك المرأة بأقدارها وتنال حقوقها التي رسمها الله تعالى لها.

لم تشأ زينب بعد طريق العذاب والآلام والأهوال الذي واجهته أن تنطفئ على نفسها وتمضي عمرها بالنحيب والشكوى والبكاء، لقد مسحت دموعها ووقفت جبارة أمام الحياة وبدأت في أرض الشام رسالة علم وتطهير وذكرى وموعظة، ومع أنها نزلت في قرية صغيرة اسمها راوية جنوب دمشق وهي اليوم السيدة زينب، ولكنها حولت هذه القرية إلى عاصمة علم ومعرفة، ومقصداً للراغبين بعلم أهل البيت من أبناء الآفاق، ونادياً لتعليم المرأة المسلمة حقوقها ومنزلتها ومكانتها وقصدها. 

المرأة في الإسلام رسالة علمتها زينب، قد لا تكون بين أيدينا كفاية من كلماتها ودروسها ومنهاجها في ترقية حال المرأة المسلمة وتحرير عقلها وروحها، ولكن ضريحها نفسه يعتبر أعظم رسالة، فلا يوجد في الدنيا اليوم ضريح امرأة يزوره الناس ويطوفون حول مجده كما هو حال ضريح السيدة الطاهرة زينب، وأما شباكها الذهبي في الضريح الطاهر، فهو يقدم للدنيا حكاية امرأة علمت العالم بكفاحها وحفظ لها التاريخ ذكراها على ألسنة المحبين والعارفين.

المرأة في الإسلام لم تعد ضلعاً قاصراً وعالة على إرادة الرجال كما كانت عليه الحال قبل الإسلام، لم تعد سقطاً من المتاع يباع ويشرى كما كانت حالة المرأة قبل الإسلام،

المرأة في الإسلام أصبحت حرة أبية سيدة من خلال سيدات آل بيت النبوة ، تملك الدفاع عن رأيها وبجرأة وشجاعة، وتمتلك المال وتتاجر وتكسب وتتعلم وتترقى وتربي.؟؟ ومن خلال ما تكلم به سماحة السيد حسن التبريزي انه يجب علينا إعادة ترتيب ثقافة نساء أهل البيت

أول قلب اطمأن بالإسلام قلب امرأة وهي خديجة الطاهرة الكبرى التي وقفت بعزيمة وثبات أمام الرسول حين ولى عنه الناس قائلة: كلا والله لا يخزيك الله أبدأً إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتعين على نوائب الدهر وتنصر المظلوم،  وأول شهيدة في الإسلام هي امرأة سمية بنت خياط المرأة المؤمنة الصابرة، وأول مهاجر فرد في الإسلام كان امرأة إنها أم سلمة بنت أبي أمية، وأول امرأة تعلم منها الرجال كانت امرأة إنها عائشة الطاهرة العارفة، وأول من ناقش الرسول ليحصل على تشريع ينصف النساء كان امرأة.

قالت أسماء بنت يزيد بن السكن: يا رسول الله ما لي أرى الرجال يذكرون في القرآن ولا أرى النساء يذكرن؟؟ فأنزل الله تعالى إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصابرين والصابرات والصادقين والصادقات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيما.

وقامت أخرى فقالت يا رسول الله إن أبي زوجني من فلان ليرفع بي خسيسته، فاقض لي ، فقال صلى الله عليه وسلم قد جعلت ألأمر إليك فقاتل يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي ولكنني أردت أن تعلم النساء أن ليس للرجال من الأمر شيء!!

إنها شواهد كثيرة من عصر الرسالة تكشف لنا الأفق الذي رفع إليه الإسلام المرأة وهو يحقق لها كرامتها وعزتها ومعرفتها.

إنني أرى النسوة أقلية في هذا الجمع المبارك ولكنني أتكلم بروح الإسلام، أتكلم بروح الحب والسماح، بل أتكلم بروح آل بيت النبوة.

زينب المرأة الطاهرة التي واجهت كوارث الدهر بروح كبيرة مجيدة، لم تشأ أن تمضي عمرها في النحيب والبكاء على الأطلال ولكنها وقفت أمام الله والتاريخ وجعلت من قريتها راوية مركزاً للعلم والمعرفة والنور، وكانت بذلك تؤكد للدنيا أن الله خلق الإنسان من رجل وامرأة ودفع إليه قدره ليكون مسئولا أمام الله في الدار الآخرة رجلاً وامرأة والله بصير بالعباد.

 إنها زينب الطاهرة علمت النساء حقوقهن في الحياة، ووقفت في شموخ الجبال أمام المستبد الظالم تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتحشد الناس على الحب والخير حتى لقيت الله تعالى على أحسن حال.

 قال تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وقال: والله ولي المتقين

ختاماً أشكر الجميع واشكر الدكتور عصام عباس والسيد مدير الجلسة

كما أحب  أن أوصل لكم رسالة       :

إن هذا ليس مهرجانا وإنما مؤتمرا على مستوى عال يخرج منه توصيات ويخرج منه دراسات غنية نستطيع من خلالها أن نسير على نهج هذه الدراسات. ونستطيع أن نقطف من كل متحدث توصية ..  فقد تكلم سماحة الشيخ حسن التبريزي بتوصية مهمة جدا ، ومن خلال راعي هذا المؤتمر يجب أن توصل هذه التوصية إلى وزير الثقافة من خلال تدريس منهاج كامل خاص عن سيدات بيت أهل النبوة كشخصية السيدة زينب في مدارسنا جميعا وهذا ما يجعل القارئ واعيا متفهما حريصا على حاله وحال أمته .

والسلام عليكم.