كلمة
سماحة العلامة
السيد حسن
الموسوي التبريزي ــ
مستشار المجمع العالمي لأهل البيت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين واله الطاهرين وصحبه المنتجبين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبارك لكم ميلاد الطهر والعفاف والنقاء ميلاد السيدة زينب عليها أفضل الصلاة وازكي التسليم.
في الواقع سمعت المتحدثين من قبلي بالأمس واليوم فبارك الله بهم جميعا واغنوا إغناءً كبيرا فيما يتعلق بالأمور العامة والقضايا العامة التي تتعلق بالمسلمين والدين الإسلامي بشكل عام .ومن هنا أولا اشكر فضيلة الدكتور عصام عباس على هذا الجهد العظيم ، في الواقع أن الفرد يتمكن أن يعطي الكثير ، فكل واحد منا هو في الواقع امة بحد ذاتها إذا أحسنا استخدام أنفسنا استخداما صحيحا ، والقران يعظم هذا المعنى ويقول " إن إبراهيم كمان امة" ، وكان هو شخص واحد ولكن كان بفكره وعطاءه وتوحيده لله كان امة حقيقية .
من هنا أقول واشكر الدكتور عصام على هذا الجهد وما بذله ويبذله في هذا الاتجاه والعناوين العظيمة هي عناوين مهمة وجديرة بالدراسة والبحث والتحقيق ، واطلب من خلال كلمتي واقترح هذا الاقتراح بداية : إن هذه العناوين تترجم إلى دراسات أكاديمية في حقل الشريعة والأبحاث لعلمية الموجودة في الجامعات ... يعني لو تصورنا هذا المعنى " ثقافة أهل البيت عليهم السلام في عاصمة الثقافة العربية دمشق وهي عاصمة الحضارة التي تمتد إلى خمسة آلاف سنة ، كيف لنا أن نجعل هذه الثقافة التي هي بمعنى الإدراك الحاذق وهذا الوعي في مكزون وعي أهل البيت سلام الله عليهم ، وانطلاقا من هذا المعنى الكبير توج هذا العنوان بهذا اليوم المبارك وهو يوم ولادة السيدة زينب عليها السلام ... اختيار هذا اليوم كونه يوم ميلاد امرأة ، ونحن نعلم أن مكانة المرأة في الثقافات الغابرة والحضارات الغابرة كيف كان وكيف أصبح في ثقافة أهل البيت ...
لنا أن ندرس إن معنى المرجعية هل هي تختص بالرجل فقط أم بالرجل والمرأة أيضا؟ ونعلم أيضا من خلال الأحاديث والروايات كما سبقني فضيلة الدكتور بالنسبة إلى النصوص ، والنص هو المحور مع إني أجد بعض الخلاف في المعنى من حيث التفسير البشري أو الإلهي .. لكن في الواقع نحن ندرس اليوم شخصية عظيمة وهي مرجعية ..
أسال هنا الفقهاء : لو كانت السيدة زينب سلام الله عليها حاضرة بيننا اليوم هل نعتبر أن السيدة زينب هي مرجعا فقهيا للمسلمين ؟ هل للمسلمين أن يأخذوا في فقه زينب؟ وهل للمسلمين أن يأخذوا مسائلهم الدينية والعلمية والفقهية من السيدة زينب؟
إذا كان الأمر يتعلق بالنص فهناك نص يقول " أنت عالمة غير معلمة وفهمة غير مفهمة"
إذا ًً يمكن للمرأة أن تكون مرجعاً ..
لكن أنا لا ادخل في القواعد الفقهية والأصولية ، ولكن أقول يمكن لها أن تدرس هذه كظاهرة للأسباب التالية :
أولا : إن شخصية
زينب عليها السلام هي ليست شخصية تتعلق بجغرافية وبانتماء معين وبقومية معينة ..
إذا كان النص القرآني يحددنا عبر سيدنا رسول الله
ويقول
: "وما أرسلنك إلا رحمة للعالمين " ، فهذا النبي الذي هو رحمة
للعالمين والذي دخلت وصهرت كل الانتماءات في هذه الرحمة هو الذي سمى هذه المرأة
زينب ، فتسميتها كانت من رسول الله
،
إذا ً هناك عنوان كبير يتعلق بهذه الثقافة العالمية وثقافة العمل الجمعي وثقافة
الوحدة والمحبة وهذه الروابط الإنسانية فيما بيننا
ثانيا : عندما
نتحدث عن هذه المرأة التي سماها جدها رسول الله
وهي
التي ولدت في السنة الخامسة للهجرة والتي أمها فاطمة الزهراء وأبوها علي بن أبي
طالب وأخويها الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .. فمن هذا النبع الصافي ومن هذه
الرحمة العالمية كان عطاؤها عطاء رحمة وكان عطاؤها للعالم كله .. اليوم عندما
نتحدث عن المرأة : هل يمكنها أن تأخذ هذا الدور ؟ بل أقول هل للرجل أن يأخذ هذا
الدور؟ فيما واجهته وعاشته هذه المرأة الجليلة ؟؟
كانت قد حفظت
القران كله في صغر سنها .. وهنا نقول للأمهات أن يعلمن أولادهن وبناتهن حفظ القران
، وهذا نموذج من ثقافة أهل البيت
"
أن يحفظ القران"
ونشير هنا إلى المعاهد العظيمة الموجودة في هذا البلد الكريم معاهد حفظ القران التي أسست في عهد المرحوم سيادة الرئيس حافظ الأسد ، فان أردنا أن نتحدث عن حفظ القران فعلينا بزينب التي حفظت القران في صغر سنها .
وإذا أردنا أن
نتحدث عن الراوية والمحدثة .. كيف للمرأة أن تكون راوية ومحدثة وكيفية وجوب الأخذ
بحديثها .. زينب
تناولت
بحديثها وروايتها خطبتي أمها الزهراء سلام الله عليها ، الخطبة الأولى التي خطبتها
في مسجد رسول الله
وهي
خطبة سياسية توجيهية عظيمة نقلتها زينب
لا
نقل حفظ بل نقلتها وعيا وإدراكا فكانت ممارسة في سلوكها وأداءها وعملها وفكرها
وتربيتها وأخلاقها ..
وأيضا نقلت لنا خطبة الزهراء الثانية في نساء الأنصار قبيل رحيلها ، فقد نقلتها زينب وروتها وحفظت كل مضمونها من أسرار ومعان وتجليات كبرى ، وهذا ما انعكس على سلوك زينب ..
لذلك أطلب اليوم
واقترح حتى من المناهج التربوية المدرسية عندنا في الشام ، هذا الصدر الرحب واليوم
ذراعي الشام مفتوحة أمام هذه الوحدة وهذه المحبة وهذا التلاقي الثقافي ..
أقترح
تدريس شخصية السيدة زينب
في
مناهجنا المدرسية الابتدائية والمتوسطة والثانوية .. لماذا؟؟؟
عندما تدرس الخنساء
وزنوبيا لا بل هناك أفلام صرف عليها ملايين الملايين من الدولارات للحديث عن ملكة
تدمر؟ فلماذا لا نتحدث عن السيدة زينب
وزينب ليست بعيدة عنا ، فهي منا ونحن منها وهي بنت رسول الله
،
وإذا كان هناك معلما حضاريا وثقافيا في بلاد الشام فهو هذا المعلم العظيم الذي نراه
اليوم متربعا على هذه الأرض المقدسة التي بارك الله حولها
وهو مرقد السيدة زينب
الذي أصبح محط الحجيج من كل صوب ومكان كما قال الشيخ عبد الغني النابلسي رحمه الله
:
زينب بنت حيدر معدن العلم والهدى
عندها باب حطة فادخلوا الباب سجدا
وعبد الغني النابلسي من القضاة والمفتيين المعروفين في دمشق ، قالها ليس من باب التعبد لان السجود لا يجوز إلا لله تعالى ، وإنما قالها تقديسا واحتراما .
على كل حال نحن
اليوم أيها الأحبة أحوج ما نكون إلى ثقافة زينب
.
لاحظوا أنا لا أريد أن استطرد كلام المتحدثين بالأمس واليوم ، وكلهم بارك الله فيهم ، لكن علينا أن نركز على عنوان هذا اللقاء " زينب " ونتحدث عن شخصيتها
اليوم نحن بحاجة إلى زينب أكثر مما هي بحاجة إلينا ، فهي لا تحتاج منا شيئا أبدا فهي في عليين ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر فنحن بحاجة إلى زينب ويجب أن ندرسها ليس من المفهوم الضيق الطائفي المرير الكريه .. زينب ليست شيعية ولا سنية .. زينب ليست عندها مذاهب وليست صاحبة مدرسة مذهبية أبدا ..
كانت تتحدث في
القران والإسلام ، كانت تفرغ عن جدها رسول الله
،
كانت تعلم نساء المسلمين القران ، ولم نسمع أنها علمتهم هذا شيعي أو هذا سني ،
هذا هو معنى الثقافة الحقيقية التي هي الإدراك والوعي ...
من هنا أؤكد :
لكل غيور ومفكر
ومؤمن ومتأمل : إذا أردنا ثقافة أهل البيت
علينا
أن ندرس زينب
كما هي كما قل عنها رسول الله
وسماها
زينب وتحدث عنها أمير المؤمنين علي
وأمها الزهراء وأخويها الحسن والحسين ...
لهذا اسأل الله تعالى أن يثبتنا على محبة أهل البيت وثقافة أهل البيت وأقول هنا وثقافة الصحابة لأننا نتحدث عن هذه الثقافة التي فيها الرحمة .. إذ أن زينب عاشت مع الصحابة وعاش الصحابة مع زينب وكانت تتحدث معهم ويتحدثون معها في روايات مطوّلة .
وفي الختام :
أقول هنا إذا أردنا
أن نتحدث عن ثقافة زينب وأهل البيت في دمشق العروبة والإسلام من الضرورة أن نتحدث
عن ثقافة صحابة رسول الله
لان
ثقافة أهل البيت كانت في صحابة رسول الله ، فهذا من باب أولى يجب أن نتحدث عنه ...
اسأل الله تعالى أن يوفقكم جميعا وان يحفظ بلاد المسلمين ويعطيها الأمن والعزة والأمان والاستقرار والسلامة وحفظ المؤمنين جميعا .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته