خطبة السيدة زينب  في الكوفة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    « الحمد لله والصلاة على أبي : محمد وآله الطيبين الأخيار.
    أما بعد :
    يا أهل الكوفة ، يا أهل الختل والغدر !!
    أتبكون ؟ فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنة.
    إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم.
    ألا وهل فيكم إلا الصلف النطف ؟ والصدر الشنف ؟ وملق الإماء ؟ وغمز الأعداء ؟
    أو كمرعى على دمنة ؟ أو كفضة على ملحودة ؟
    ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون.
    أتبكون ؟ وتنتحبون ؟
    إي والله ، فابكوا كثيراً واضحكوا قليلاً.
    فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً.
    وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة ؟ ومعدن الرسالة ، وسيد شباب أهلا الجنة ، وملاذ خيرتكم ، ومفزع نازلتكم ، ومنار حجتكم ، ومدرة سنتكم ؟؟

    ألا ساء ما تزرون ، وبعداً لكم وسحقاً ، فلقد خاب السعي ، وتبت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ، وضربت عليكم الذلة والمسكنة.


    وَيلكم يا أهل الكوفة !
    أتدرون أيّ كبدٍ لرسولا لله فَرَيتُم ؟!
    وأيّ كريمةٍ له أبرزتم ؟!
    وأي دم له سفكتم ؟!
    وأيّ حرمةٍ له هتكتم ؟!
    لقد جئتم بها صَلعاء عَنقاء سَوداء فَقماء ، خَرقاء شَوهاء ، كطِلاع الأرض وملء السماء.
    أفعجبتم أن مطرت السماء دماً ، ولعذاب الآخرة أخزى ، وأنتم لا تُنصَرون.
    فلا يَستَخفّنكم المُهَل ، فإنّه لا يَحفِزُه البِدار ، ولا يَخافُ فَوتَ الثار ، وإنّ ربّكم لبالمرصاد ».