الدكتور محمد أبو خزام الشحومي أمين عام مساعد المجمع
العلمي للسادة الأشراف في الجماهيرية الليبية
الحمد
لله على ما أنعم، وله الشكر على ما ألهم، والصلاة والسلام على شفيع كلّ من لله
أسلم، سيدنا محمد النبي الهاشمي العربي الأكرم، وعلى جميع الأنبياء
والمرسلين، وأهل بيت الرسول الطاهرين
المطهّرين، حماة الشريعة، وحفّاظ الدين، وعلى أصحابه الصادقين المخلصين، ومن قال
بقولهم، ونسج على منوالهم، إلى يوم يبعثون
ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ ﭶ ﮊ.
حينما
تسمو الطموحات فوق الأنانيات الضيقة، سانحة في مجالات الإنسانية الرّحبة، ستتعدى
دنيوية الشهوات المغدرة التي ما تنكشف حتى تصبح عيوباً في حق أصحابها، عندها تكون
مقاصد الخير عند هذا الإنسان في أصقاع الكون، وما فيه من انتهاك المدة العقيمة.
وتتحول
هذه الرؤية إلى كتلة متكاملة، ولوحة متناسقة مشبعة بجمال رباني، منسجم مع قوله
تعالى: ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ
ﮔ ﮊ.
ثم
نؤمن أنّ الإسلام رسالة إلهية، وهي وإن جاءت بلسان عربي مبين، إلا أنها كانت للناس
كافة ﮋ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ
ﮪ ﮫ ﮊ،
ولكم في عليكم أنني مجرد أن أسمع اسم خطب الزمان السيد أسعد علي تجذبني الأشواق نحو
مدارات لا دنيوية فيها، وكنت في حيرة كيف نستفيد من ثقافة أهل البيت في هذا اليوم
الزينبي العظيم، لأسقط اشعاعاً من نورهم على حالة من حالات هذا العصر، وأول ما
تبادر إلى ذهني أن أتحدث في موضوع يهمّ الإنسانية جمعاء، وهو الإجابة على سؤال: من
هم الموجودون في الخلاص من القرآن الكريم؟
لأجيب
على سؤال غفل عنه الكثيرون: كيف يكون في الجنة أولئك الذين تفرّ أعينهم من الدمع،
وهم يعبدون الله على منهج سيدنا عيسى
+؟
لم يغيروا ولم يتغيّروا، صمدوا وصدّقوا برسالة سيدنا محمد
9،
ولكنهم استمروا على شريعتهم شريعة عيسى.
وجدت
أن هذا الأمر يمكن أن نتحدث فيه في مجالات عميقة، ولكن حال الأمة اليوم هذا التحدّي
الذي تعيشه الأمة، يجب أن نستفيد من كلّ سانحة لإسقاط نور من شعاع أهل بيت محمد
9،
علّنا نرى أملاً من هذا الإحباط الذي يحيط بنا.
يتحدّثون عن الديمقراطية، وإمام أهل البيت علي بن أبي طالب
+،
وهنا أقف في وجوب التسليم بل والصّلاة والتّسليم على أهل البيت بنص، مع احترامي
للدكتور مؤنس في تفسير النص، لا أريد أن أدخل في ذلك، ولكن النصّ المقدّس حتى في
تفسير النصّ هو وحي، الرسول
9 وحده هو الذي يوحي له في النص وفهمه، فتفسير الرسول
للنص ملزم حتى في ما تشابه من الآيات، ثم بعد ذلك ندخل في مراكز العقل الذي نظّر
لها بكفاءة نادرة، العقل الملهم حجة الإسلام أبي حامد الغزالي عندما تحدث عن مراتب
العقل الثلاث: العقل الكسبي وهو لكل إنسان خلق به، وهو العقل بتراكم المعارف،
يستفيد، ثم بعد ذلك العقل التوقيت وهو لا يكون إلا بالتربية، أن يتربى الإنسان على
ما عرف من الحق، أن يتواصى بالصبر.
وأعتقد
أنّها هي الطريقة الصوفية التي تُربّي الناس على منهج الكتاب والسنة.
ثم بعد
ذلك يأتي العقل الوهبي، والعقل الوهبي لا حيلة للناس فيه، يقول الله سبحانه وتعالى:
ﮋ
ﯸ
ﯹﯺ
ﯻ
ﯼ ﮊ،
هو خلق رباني وهبة، يهبها الله لعباده المتقين، عندما تصفى قلوبهم، تتنافس عليها
المعارف بتألق، ليستفيدوا منه الناس، الإمام علي علمنا كيف تكون الديمقراطية، وكأنه
ما قبل البيعة إلا لهذا الغرض، قال لنا: أن الشورى ملزمةً عندما رفعت المصاحف على
أسنّة السيوف والرماح لفطرته وفراسته، كمؤمن أنها خديعة، وخطب لأصحابه: أن لا
يستجيبوا لذلك، وأن يواصلوا القتال ضد البغي، ولكنهم أجمعوا على ضرورة الاستجابة
لهذا الطرح، لأنه يعلم أن الشورى ملزمة، من أين تعلم ذلك؟
تعلم
ذلك من الرسول الأعظم
+ في غزوة أحد، كان ركب الرسول ورؤيته كقائد لتلك الأمة
أن لا يخرجوا في أحد، ولكنهم أجمعوا على الخروج لملاقاة المشركين خارج المدينة،
حاول معهم الرسول كثيراً ولكنهم غلبوه كعادتهم، فقال في قولتهم وعندما رأوا أنه قد
زعل لأنه يفهم أن هذا ليس رأياً صائباً، ولكنه في نفس الوقت كرسول معلم يعلم أن
الشورى ملزمة لا علاقة لك بالاجتهاد فيها خطأ أو صواباً اتباع رأي الأغلبية إلزام.
ثم في
النقطة التالية عندما كان اختيار أبي موسى الأشعري كان رأي الإمام علي أن لا يكون
ذلك، لماذا؟ لأن أبي موسى فقيه في القرآن ولكن نظيره لا علاقة له بهذا القرآن
أبداً، علاقته في الدهاء والوحدة والسياسة.
فأراد
أن يخرج له نظير يُلمّ بالاثنين في المكر والدهاء والسياسة والقرآن، فكان اختيار
الإمام علي لعبد الله بن العباس، ولكن الأغلبية أصرت على أبي موسى الأشعري، رفض
الإمام وهو الأمير، يملك القرار لأنه كان يعلم أنّ الشورى ملزمة، خرج عليه ما خرج،
فأتوا يقولون: خرجوا عليك ويسبونك يا أمير المؤمنين. أكفار هم؟
قال:
بل من الكفر فروا.
رفض أن
يصفهم بالكفر.
أنقاتلهم يا أمير المؤمنين؟ ما لم يرفعوا سيفاً أو يعتزلوا.
هذه
الديمقراطية من ألف وأربعمائة سنة كانت بين أيدينا، ولكننا ضعيناها بعد أن غيّبها
تاريخ مزوّر، كلنا نقول أن الخلفاء الراشدين أربعة ألا يعني ذلك انتفاء صفة الرشد
على من جاء بعدهم، وإذا كنا نعتقد أنّ من أتى بعدهم هو فاقد لرشده، إذاً فلماذا
نقتدي بهم؟!!
اللمحة
الأخرى نلقي بها الضوء على مأساتنا في هذه الأيام، موقف الإمام العظيم الحسن، أفتكر
بأنني أعود إلى نسلي، وهذا شرف من الله لا حيلة لي فيه، عندما جاءه معاوية: أبسط
يديك وبايعني على أن يكون الأمر لك من بعدي.
ترغيب
في الدنيا أن تكون أمير المؤمنين بعد معاوية بسهولة دون نزال ولا قتال، يعلم أن هذه
مصيدة، وأنها لا تتفق مع شروط الإسلام، وهو ملزم عندما سنحت الفرصة بأن يوفق بين
الطائفتين، فليفعل، فعلها ولكن ما الذي قال؟ أبسط يديك وأبايعك على أن يكون الأمر
للمسلمين من بعدك.
ما
الذي حدث بعد ذلك؟ سجّل موقفاً، سيثأر له الحسين من بعده، هذا الموقف الذي حدث بعد
ذلك يجب أن يعيد قراءة التاريخ دون تزييف ودون نفاق، معاوية طلب البيعة لابنه، وهو
بإجماع الأمة غير كفؤ لذلك، ولن يترك الأمر للأمة من بعده، خالف وعده، وأراد أن
يحدث بدعة لا زال يتشبث بها من يقولون بهذا القول، يبتعدون عن الشورى ويقولون
بالأنظمة الملكية التي تورّث ملكها، فلذلك هم يتمسكون كثيراً بمعاوية لأنه ليس من
كتاب أو سنة أو سند إلا هذا الموقف.
ما
الذي حدث بعد ذلك؟ جاء الحسين وعرف أنّ هذا لا يجوز، هذا اندفاع لصفة الرشد، وهذا
لا يجوز السكوت عليه، حاول أن يقنع ليكون هناك تيار من المسلمين يوقف ذلك، ولكنه لم
يستطع، فأبى إلا أن يسجل موقفاً للتاريخ علّنا أن نستفيد منه اليوم، وقف الحسين لم
يطلب ملكاً، ولكنه وقف موقف الواجب الذي لا يستطيع أن يتقاعس عنه، كانوا يفاوضونه
حتى في كربلاء، لم يطلبون منه البيعة: اتركوني أذهب، أتركوني أعود.
بيعة
يزيد، فقال قولته رمزاً لكل مقاومة في كل عصر وحين ضدّ كل الطغاة، كل المتسلطين،
مهما كنا فئة قليلة أو كبيرة، قال:
Sهيهات
من الذلةR.
هذا
صوت الحسين يصرخ في كل زمان ضد كل متسلط كلّ الطغاة
Sهيهات
منا الذلةR،
أتوا إلى أهله، أتوا بالحوراء زينب، واعتقدوا أنّ النساء اللواتي يختلفن عن رجالهن،
اعتقدوا أنّ هذه حمامها ستبدأ بالعويل، وستقول أكثر ما قالته الخنساء في صخر.
ما
الذي فعلوه؟ جاؤوا بالحسين
+
منكل به، وهنا +
يجب أن تقال، لماذا؟ لأنّ الرسول
9 عندما
نزلت عليه آية (الصلاة والتسليم) ﮋ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮊ،
قالوا: يا رسول الله نعلم كيف نسلم عليك ولكن كيف نصلي عليك؟
سكت
برهة، وقال البعض: (أنه كان ينتظر وحياً) لهم:
SقولواR
هذا من الذي الحد بين الإيمان والكفر هو أن ترد عليه بشيء والإيمان أن تصدق بكل ما
أتى به. قال: Sقولوا
اللهم صلّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على
محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد
مجيدR.
لماذا
الآن نتحرج في أن نقول أنّ ذكر أهل بيت رسول الله (عليهم السلام، بل عليهم الصلاة
والسلام) بنص حديث رسول الله
9 المجمع
عليه، خوفاً من أن نتهم بالتشيع، أننا كلنا لن نستطيع أن نكون مسلمين إلا إذا
تشيعنا، الذي لا يتشيع لمحمد وآل بيت محمد عليه أن يبحث على دين آخر، وليس دين
محمد، والذي يتشيّع ولا يعمل بسنة محمد فأيّ دين هو يتبعه لمن يتشيع؟ لا شيعة ولا
سنة هي مذاهب، ويجب أن نتوقف، لأن المسلمين في عصرنا الحديث أجمعوا في 2005 اجتمعت
فقهاء وأئمة ومفتيي كل البلاد الإسلامية تحت مظلة المؤتمر الإسلامي في عمان،
وأصدروا وثيقة، توزعت هذه الوثيقة أكثر من مرة، قالوا بجواز تعدّد المذاهب
الثمانية، وأعيد وأكررها وفقاً لأسبقيتها التاريخية الإباضية، والزيدية، والمذاهب
الجعفرية الإثني عشرية، والمالكية، والحنفية، وهي مذاهب جعفرية فقهاً، ثم الشافعية
والحنبلية.
وبدأ
النقاش بقوة في الإسماعيلية وتفرّعاتها، من يكفّر أيّ فئة من هذه الفئات الآن،
أفتوني ما يكون موقف المسلمين منه، إجماع أجمعت الأمة التي لا تجتمع على قرار أن ما
يجب معرفته من الدين بالضرورة في هذه المذاهب الثمانية هو جائز، وهو من الإسلام.
فكيف
يجوز لك أن تخرج أي من هذه المذاهب من حظيرة الإسلام؟ من أنت؟ ثم جاءت السيدة زينب،
وقدم لها الحسين أشلاء، ما الذي فعلت؟ رفعت يديها إلى السماء، وقالت:
Sاللهم
تقبل منا هذا القربانR،
سكتت لم يبقَ إلا هي وطفل فتى وطفلة يتصارع عليها الرعاع كل منهم يريد أن تكون هذه
الجميلة سبيته، هيهات، وقفت زينب، وقفت لتعلمنا درساً آخر، لا تعتزوا ببكاء
التماسيح، ولا تعتزوا بمواقف الإنهزاميين أبداً، دخلوا عصر هكذا، وللأسف في
التاريخ، فما الذي حدث؟
وجدوا
الناس يبكون، فقال الإمام زين العابدين
+:
أهؤلاء يبكون علينا يا أماه، فمن قتلنا إذاً؟
بدأت
الخطاب الذي لا أريد أن أعيده لكي لا يقال أنني أدعوا إلى الطائفية، وكان موقفها مع
عبيد الله بن زياد، ويزيد موقفاً يجب أن أعيد قراءته مئات المرات علّنا نستفيد كيف
تكون مواقف الإنسان الذي لا يكون إلا إنساناً الإنسان الذي يفكر لا يجوز أن تقول
إنسانة، كما لا يجوز أن تقول بشرة، كما لا يجوز أن تقول زوجة، هي زوج وإنسان وبشر
هذه للذكر والأنثى، بماذا نستفيد في هذا الوقت الكئيب؟
يجب أن
نبذل أقصى ما نستطيع من الجهد للتقريب بين الفئات المختلفة دون تنازل عن قواعد
الإسلام وثوابته.
هذا ما
علمنا الحسين، ويجب أن تكون الأنظمة الإسلامية ملتزمة بالشورى، تغييب الجماهير ظلم
واستبداد، فلا تستقيم أمور الإسلام بغياب الشورى أبداً، لأنها أمر قطعي هي مثل
الصلاة والزكاة، الشورى وضعت بينهما، علمتنا أن نقف مواقف الحق دون وجل، وهنا
تعريجة بسيطة الذي لا يؤمن أن الإسلام أمة فعليه أن يراجع إسلامه، علينا أن نخرج من
عزل الدول سوريا دولة، العراق دولة، إيران دولة، مصر دولة، ليبيا دولة، اليمن دولة،
والإسلام أمة، الولاء والبراء لهذا الإسلام، وهو الإسلام ليس كما يعتقد البعض
يقولون قبل الإسلام وبعده، الإسلام هو دين آدم إلى محمد، ومجموعة من الرسل جميعهم
(عليهم الصلاة والسلام) لا نفرق بين أحد منهم، وكل جاؤوا لدعوة واحدة فقط: لا إله
إلا الله.
هذه
الكلمة الخالدة التي تنفي على المستبدين والطغاة محاولة تألههم على عباد الله.
علينا
الآن أن نراجع مواقفنا، هناك مراكز ورايات ترفع، سوريا الآن لا أقول هذا مستفيداً
من أحد، والله لا أخشى إلا الله، وما تبادر إلى ذهني لحظة طمع في مخلوق من مخلوقات
الله فرد أو جماعة، لأنني أعتقد منذ أن ولدت وأنا في رعاية الله سبحانه وتعالى، وفي
رعاية نساء من آل بيت رسول الله، سوريا تبقى الآن راية المقاومة ضد الاستبداد
والطغاة، ليس سوريا فقط لأنّ الآن أصبح سوريا ترفع لواء العروبة ولواء الإسلام،
لأنها لو أرادت أن تستجيب لكلام أوروبا الذي يقول لهم لا يعني أن يكون لك الأمر من
بعدي، وأنتم تعلمون لو أرادت سوريا أن تضع الأوراق فوق الطاولة ستستفيد؟ كل المطلوب
من سوريا والشعب السوري فقط أن يدير ظهره لقضية الإسلام والعروبة وسترون ماذا ستفعل
أمريكا والمؤسسات المصرفية اليهودية في هذا البلد من إغراء بالمال كما يريدون،
ولكنهم أبوا، هل يأتي بعد ذلك من في قلبه ذرة من الإسلام ويتقاعس ضد القيام بالواجب
نحو سوريا.
عليه
أن يراجع إسلامه، حزب الله يرفع الآن رايات المواجهة والخط الأول برغم ما يكاد له
من المراجحين والمنافقين والأعداء،
نعم،
هذا ما يفعلونه ونحن نتفرج، والحسين قال:
Sهيهات
منا الذلةR،
وزينب انطلقت من جراحها لتقول:
Sاللهم
تقبل منا هذا القربانR،
فعلى أمة الإسلام التي يجب أن تعلم أن سفينة نجاتها في أهل بيت رسول الله
9، وأن
الكتاب والعترة لن يفترقا حتى يردا على جدهما الرسول
+
ﮋ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ ﭶ ﮊ.
إذا
أردتم شفاعة محمد (عليه الصلاة والسلام) عليكم أن تقفوا هذه المواقف، وإذا لم تقفوا
هذه المواقف بالله عليكم كيف ستواجهونه يوم القيامة وتطلبون منه الشفاعة.
أقول
قولي هذا، وأستغفر الله ربي لي ولكم وأتوب إليه.