بسم الله الرحمن الرحيم

السادة السفراء

الإخوة المسيحيين والمسلمين

الأستاذ الدكتور عصام عباس رئيس اللجنة التنظيمية لهذا المهرجان

السادة رجال الفكر والعلم والأدب

أيها الحفل الكريم

انه لشرف كبير أن امثل الأستاذ الدكتور رياض نعسان أغا وزير الثقافة الذي كان بوده حضور أعمال هذا المهرجان ، ولكن وجوده في مؤتمر كبير في دبي حال من وجوده معنا رغم انه يحضر بروحه وعقله معنا في هذا الاحتفال المهيب .

إنها لمناسبة عظيمة الاحتفاء بالذكرى العطرة لميلاد حفيدة النبي الأكرم محمد ص السيدة زينب ع حيث نرسخ لثقافة الاحتفاء ونقيم هذا المهرجان السنوي الذي تتجدد فعالياته وتأخذ أبعادها الفكرية والاجتماعية والفلسفية والدينية السمحة

ويأتي هذا الاحتفاء كجزء من التعبير الثقافي الذي تؤمن به سورية منذ قرون طويلة لأنه تعبير عن الإخاء والتسامح والحوار وديناميكية الحياة الخصبة والإبداعية التي نعيشها جميعا ً

كم هو جميل أن تسلط الأضواء على أعلامنا من شوامخ الفكر في الحضارة العربية الإسلامية وبخاصة هؤلاء الذين يعبرون عن رسالة الإسلام السمحة التي ركزت على تمجيد حضارة الحوار والمحبة والسلام واحترام كرامة الإنسان وحقوقه أنى كان

وها نحن نجتمع اليوم احتفاء بذكرى سيدة عظيمة كانت فاضلة وفاعلة في فعلها وفكرها ودورها الريادي الإنساني في العالم الإسلامي وبالأمس القريب كان الاحتفاء في مدينة حلب عاصمة الثقافة الإسلامية لعام 2006

بذكرى مرور 1700سنة على ولادة مار أفرام السرياني 306-2006  بعض الناس قالوا لماذا في عاصمة الثقافة الإسلامية وهو سرياني وحاول البعض إفشال هذا الموضوع ولكن كان القول الفصل أنها كانت عاصمة الثقافة الإنسانية منذ الألف الثالثة قبل الميلاد عندما اختيرت عاصمة للثقافة الإسلامية لم يكن القصد أنها كانت عاصمة لفترة زمنية معينة إنما لأنها مدينة الإخاء والمحبة والتسامح الديني عبر العصور ففتحت الأبواب والنوافذ على عطاء علم من أعلام الأدب والشعر واللاهوت والأخلاق والمثل العليا في سورية القديمة وهذا أكبر دليل على أن سورية الحديثة كانت وما زالت سورية المنفتحة على العالم تفخر بتاريخها وحضارتها العظيمة وتحمل الرسالة وتحيي ذكرى وتراث السابقين وتضعه في المكان اللائق به

سورية نبع المحبة والتسامح الديني أقدم قصيدة ظهرت في الوجود ظهرت في سورية تعود إلى أربعة ألاف  وأربعمائة  سنة وأقدم علاقة تاريخية للإخاء والتبادل التجاري والدفاعي ظهرت في سورية في سنة ألفين وأربعمائة قبل الميلاد من هذا المنطلق نحتفل بهذه السيدة في الشهر الماضي السيد الدكتور رياض نعسان أغا كان في مدينة ليوغل تبعد عن فينا 180 كم  وكان اللقاء حول ثقافة الإسلام 11 دولة عربية وإسلامية قدمت حوالي 400 قطعة أثرية إسلامية لتعبر عن حضارة الإسلام روح وفكر وعطاء إنساني وكان لقاء جميل جدا ً  وخير رد على الهجمة الشرسة التي تعرض لها الإسلام وثقافته ورسوله الكريم من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية فحضارة الإسلام ليست حضارة عنف وقتل وإرهاب إنها حضارة تسامح وإخاء

إن سورية العربية تدرك جيدا ً أن التحدي الكبير الذي يواجهها هو بالأساس تحد ٍ ثقافي وقضايا الأمة العربية والإسلامية تلح على تعزيز أسباب حضورنا الفعال في ساحات الحراك الدولي وربما أصبح وجود الشعوب في المستقبل مرهونا ًفي المقام الأول بوجودها الثقافي من هذا المنطلق نجد أن تعميق وتعميم المعرفة الموضوعية والنقدية ب ( الذات الحضارية ) وتجديد الخطاب الفكري وتعميم معرفة موضوعية ونقدية ب ( الآخر ) هو الضمان للتفاعل بين الموروث والمستجد بين النقل والنقد وبين إعادة الإنتاج والإبداع وبين ما هو ذهني وبين ما هو اجتماعي ، تاريخي ، واقعي 000

إن الحديث عن الثقافة في ميلاد النجمة المحمدية السيدة زينب ع يقتضي منا القول أن الثقافة ليست محايدة وهي سلاح ذو حدين إذ يمكن أن تستخدم أداة للتغيير ويمكن أن تستخدم في الوقت نفسه أداة لتثبيت الوضع القائم ويمكن للثقافة أن تكون وسيلة لاجترار الماضي أو قاطرة للمستقبل ويمكن لها أن تكون سياج الانغلاق على الذات أو نافذة الانفتاح على الثقافات الأخرى عندما اجتمع السريان في الدولة العباسية قاموا بنقل كل ما لدى الهند والفرس واليونان والدول المجاورة من كتب وفلسفة وعلوم وثقافات وأضافوا عليها وجمعوا هذا التراث وقدموه للبشرية جمعاء وقبل أيام كان الاحتفال على مرور 60 عام من وفاة العلامة ابن خلدون وأجمع العالم على فكر وعطاء ابن خلدون وكان هناك أيضا ً شيء من الفعاليات المميزة للحضارة العربية الإسلامية شاركت سورية فيها بأربع قطع أثرية : حاملة المصحف وقطعة موزاييك تذكر بالفترة التي عاشها ابن خلدون في سورية وبذلك نكون خطونا خطوات كبيرة في تقديم عطاء العالم الإسلامي

الثقافة تصقل العقل وترهف الحس وتقوي الوعي والإدراك في مختلف الميادين الفكرية والعلمية والاجتماعية والتراثية والحضارية ونظرتنا إلى الاحتفال بأعلامنا ورموزنا تنطلق من إيمان بأن التراث هو حصيلة إنتاج العقل العربي المسلم والمسيحي في مختلف الطبقات الاجتماعية والتيارات الفكرية والثقافية بوصفه حاضنا ً لهوية الأمة العربية الإسلامية

وهذا يتطلب منا العمل جميعا ً على إعادة دراسة هذا الترا ث وتخليصه من شوائبه وفتح باب الاجتهاد في مجالاته المتعددة والحفاظ عليه ونشره بمختلف الوسائل وترجمة روائعه إلى اللغات الحية والتعريف بالثقافة والقضايا الإسلامية المعاصرة

أشكركم جميعا ً وأتمنى لملتقى ثقافة الاحتفاء بميلاد السيدة زينب ع

النجاح والتوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته