رسالة السيدة زينب
في يوم الشهادة - رؤية في خارطة العراق الجديد
بقلم : الدكتور عصام عباس
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على
سيدنا رسول الله واله الأطهار وصحبه المنتجبين الأخيار وإخوته أنبياء الله الإبرار
.. وأعظم الله أجورنا جميعا بذكرى استشهاد سيدة المؤمنين الأحرار السيدة زينب
في مثل هذا اليوم الخامس عشر من
شهر رجب عام 62 للهجرة ارتقت إلى بارئها الروح الزكية الطاهرة النقية هنا في دمشق
يوم كان الظالمون يرفعون لواء الباطل من اجل إجهاض الحق ومواجهة التعاليم السماوية
فانتهوا إلى قرار جائر بنفي السيدة زينب
من دار جدها رسول الله
في المدينة المنورة إلى دمشق ليبعدوا
عنهم شبح العقاب الإلهي والجماهيري الذي لاحقهم بعد قتلهم سبط رسول الله الإمام
الحسين
في واقعة الطف
بكربلاء عام 61 للهجرة ظنا منهم أن نفي السيدة زينب إلى دمشق سيخفف عن جورهم وظلمهم
نقمة الجماهير العربية والإسلامية وتصبح السيدة زينب في قبضتهم متناسين القدرة
الإلهية في قهر الظالمين ،
ولكن شاء الله أن تكون السيدة زينب
في دمشق محطة المناضلين
والمجاهدين في تحرير الشعوب من جور الظالمين على مدى العصور والأزمنة .. هذه هي
الإرادة الإلهية يوم إن أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ...
إرادته في إبقاء رموز الإصلاح ودعاة الحق إلى قيام الساعة أعلاما شامخة ينهل منها المؤمنون دروس الجهاد والنضال وإحقاق الحق وإزهاق الباطل مهما طغى الجبابرة وعتوا في غيّهم ، فالجبابرة إلى مزبلة التاريخ ودعاة الإصلاح الرساليين إلى بقاء خالد ..
في هذا اليوم يستوقفني بيان
السيدة زينب إلى أهل الكوفة
بعد واقعة الطف الذي عجز القاموس العربي من تفسير تلك المصطلحات التربوية والعبارات
التحذيرية لأناس باعوا ضمائرهم وغرّتهم الحياة الدنيا ومصالحها وفضّلوا يومهم على
الغد المرتقب ونكّسوا رؤوسهم أمام الجائر الصلف وباعوا دينهم بدنياهم ..
إن من يقرا هذا الخطاب لا يتوقع انه خطاب موجه إلى حفنة من النادمين والمتخاذلين بل كان توبيخها وتحذيرها درسا تربويا ومنهجا سلوكيا للأجيال القادمة على مر العصور بعدم إتباع سلوكية المجتمع الكوفي آنذاك حيث كانت عبارة " يا أهل الكوفة " وكأنها توجه خطابها لهم حصرا دون سواهم ،
من واقعة الطف يجب أن نأخذ عبرة ومن خطاب سيدة الطف يجب أن نبني منهجا ودستورا ، وان لا نهادن الطغاة ولا نهتم لأي ضغوط في مهادنتهم أو ما يسمى "مصالحتهم"، لأنهم رجس من عمل الشيطان ..
الطغاة الذين تلوثت أياديهم بدماء الشرفاء من أبناء شعبنا المظلوم ..
الطغاة الذين كانوا سببا في ترويع الأسر العراقية على مدى أربعة عقود من الزمن ..
الطغاة الذين دمروا الاقتصاد العراقي والذي لا يمكن لأية حكومة أن تعيد هذا الاقتصاد إلى ما كان عليه ولكن يمكنها أن تعيد العافية للاقتصاد ..
الطغاة الذين أساءوا للبشر وغير البشر وانتهكوا كل الحرمات وعملوا بلا قيم ولا أخلاق ودمروا البنى التحتية وافسدوا المؤسسات الوطنية التربوية والتعليمية والسياسية والاقتصادية وغيرها ..
الطغاة الذين هجّروا الشعب العراقي الآمن من دياره بغير حق وأحدثوا ثغرات اجتماعية وسلوكية وقانونية لا يمكن تلافيها وحلها بأي شكل من الأشكال لا بالمنازعات الملكية ولا حتى بالمحاكم الوطنية أو الدولية .. وضعوا العراق ضمن أسلاك شائكة ملغومة لا يمكن استدراكها وتجاوزها بسهولة .. جعلوا العراق يعوم على مقابر جماعية وأدوا فيها الأبرياء وهم أحياء ..
نعم العراق اليوم محتاج إلى سادة
الإصلاح ، إلى السيدة زينب
التي حذرت الأجيال العراقية على مر العصور من مهادنة الطغاة
ومصالحتهم حتى لو فرضت عليهم أجندة المصالحة .. هؤلاء الخوارج الذي يجب إبعادهم عن عملية
بناء ((العراق الجديد)) والذي يروق لي هذا المصطلح ..
نعم لقد ولى العراق القديم الذي ناصر الطغاة وجعلهم أمراء عليه من عبيد الله بن مرجانه إلى صدام بن صبحه !!!!
لقد ولى العراق القديم بكل
مخلفاته وثقافاته وأزلامه وان بقوا ينزون نزو القرود في أمصار متعددة يأملون في
الانقضاض على مقدرات هذا الشعب والانتقام منه ولكن أبناء العراق يرفعون شعار
الإمام الحسين لواء خفاقا فوق
رؤوسهم ""
هيهات منا الذلة "" ..
لقد جاء العراق الجديد بشعبه وأمته ، بعربه وأكراده وتركمانه ، بشيعته وسنته بمسلميه ومسيحيه وصابئته ، برموزه الوطنية وكوادره الأكاديمية ونخبه الثقافية ، بفتيانه وشبابه ، برجاله ونسائه وشيوخه ، بالعشائر الوطنية الشريفة والضمائر الحية النظيفة ،
جاءوا مجتمعين اليوم رافعين لواء
الحق لواء أهل البيت
الإصلاحي ذو المنهجية البناءة الذي لا يمكن للعراق أن يبنى الا من خلالها ،
هذا هو قدر العراق وهذا هو قدر
الشعب العراقي بكل أطيافه وطوائفه " ونِعْمَ القدر" أن يكونوا موحدين تحت هذا اللواء ،
لواء علي والحسين الذي
اختار الله تعالى أن يتشرف العراق بهم وبفكرهم ومنهجهم وثقافتهم وعقيدتهم
الإصلاحية البناءة وبأجسادهم الطاهرة وعتباتهم المقدسة التي أصبحت معقل الجهاد
والاعمار والبناء وقبلة الأشراف ومحطة حماية حقوق الإنسان ومنارة عزته وكرامته ، بهم
نتولى ومن أعدائهم نتبرأ ..
العراق الجديد الذي تغيب فيه النعرات الطائفية والأحقاد على الإنسانية ونشر الفساد والجاهلية ،
تغيب فيه النكرات وأشباه الرجال دعاة الجهل والفساد بكل أنواعه ..
ولرب سائل يقول أن الفساد الإداري وغيره منتشر هنا وهناك في أرجاء العراق اليوم ، أقول لهم انه من مخلفات العقود الأربعة ، وسيجتث الفساد بكل أنواعه كما أجتثت أسبابه ورموزه بعون الله تعالى ..
هذا هو العراق الجديد الذي يجب
أن لا يخفى على احد مهما شوّه الجهلاء والموتورون عبدة الأنصاب والأزلام الوجه المشرق
للعراق الجديد عراق أهل البيت ..
من خطاب السيدة زينب
التربوي والمنهجي والثقافي
والرسالي سيبنى العراق الجديد وطنا وشعبا ومؤسسات بإذن الله تعالى لا
يأخذه في الله لومة لائم ..
" وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون "...